وكأنيے بينهم دمية
لـــ أجنحة الوميض
ابتلعت كلامهم بألم وكأنها تبتلع ابر سامة .. ثم اخذت كمية كافيه من الهواء لتنعش رئتيها ...امسكت كوب القهوة الساخن وجرعت منه جرعة واحدة امام نظرات الرجال الحادة ثم تركته امامها وقالت :-
تريدون مني كالعادة عندما يتأزم الصراع اجد نفسي قد تركت النقاش قبل ان اسدل
عليه الستارة وأتوجه لغرفتي و انا اسمع همساتكم وكلماتكم المتقطعة حول تركي
للنقاش مفتوح دون نهاية .... لكني لا استطيع ان انهيه حسب نظرتي .. فأنا لازلت
صغيرة بأعينكم .. لا اعرف كيف اقود حياتي كما يجب .. ووجب علي الطاعة العمياء ... يجب
ان استمع و انفذ .. يجب ان اكون طيعة كالماء في ايديكم تضعوني في أي اناء و اشكل
لكم الشكل الذي ترغبونه .
دارت بأصابعها بحركة سريعة حول كوب القهوة وهي تنظر للبخار الذي بدأ يقل .. لكنها
كانت في ذروة الحوار .. رفعت رأسها و اكملت بحزم بعدما ابتلعت ارتباكها :-
ان اكون ضعيفة هذا ما لم اخلق به .. الضعف بكل انواعه لم يكن لي يوماً... وقد
ان الاوان ان اوقف همساتكم نحو حياتي .. لكني في مكان لا يحق لي ان ارفع
صوتي اعلى من صوتكم ولا ان احقق ارادتي بدونكم .. فالكلمة هنا للرجل وليس
للمرأة سوى الخضوع .. لكني لم اخلق للخضوع قط .. لذا هاأنذا اسلم رقبتي بدل
ان اسمح لكم بتدنيسي بسجلكم الخاص لضحايا النساء الخاضعات .. فلن اخضع
الا لخالقي .. اما انتم فلم يكن لكم سوا فضل وجودي بينكم هذا اذا سمي فضل
عندكم اما عندي فهو نقمة حلت علي في يوم اسود غائم .
زاغت نظراتها لكوب القهوة وقد عادت للكلام بعدما تيقنت من انها لن تحتسيها الا باردة هذا اذا ارادت ان تسدل الستار اليوم :-
مادام وجودي عار كما اقرأه في عيونكم ونكرانكم المرتبك له عندما اسألكم به ... لم َ
رسمتم طفولتي ببراعة وكأني عندما اصل لهذا العمر سأصل لمرادي .. لما جعلتم الحياة
امامي سهلة الانقياد .. لما جعلتم لي حصاناً ابيض في نهاية الممر لأسرع في الطريق
وامتطيه .. ويا حسرتي .. عندما وصلت و اذا الكل بان على حقيقته .. الفرس لم يكن سوا
سجني الابدي .. والطريق السهلة اصبحت وعرة من الهم و الالم ... اصبحت في الفترة
الاخيرة اعيش الحياة فقط ولا استغلها ... حياة خالية بدون استغلالها لم تكن حياة انسان
حي ابدا .. فقط جثة وضعت هناك وثلاث ايام وسيتم الدفن ..سؤال اخير يا سادتي .. وسأذعن
للصمت .. لما تركتموني اعيش كل هذه الفترة مادمتم تريدون موتي في النهاية ؟؟ ارى انزعاج
على وجوهكم منذ يومان .. هل اعزي هذا الى صعوبة وجود كفن ابيض لي ؟؟ لا تنفروا
من سؤالي ارجوكم .. مجرد حفرة في ارضي تكفيني .. فقد عشت حياتي كلها في
الكفن وان الاوان ان يهترء الكفن ويبقى جسدي رابض في التراب .. و أسدلت الستار
بعدما انهيت ما اردتم التوصل له منذ البداية .. اخباري عن كيفية ستتم مراسيم موتي .
ابتسامة ساخرة قدمتها لهم ثم تجرعت ما بقي في الكوب من القهوة الباردة وخرجت تاركة رائحتها المفضلة في المكان تذكرهم بأنها لازالت حية .
2013-01-17
لـــ أجنحة الوميض